الإعلام المحايد وريشة بحر الأهواء - مقال للإعلامي أحمد صفوت


بقلم الاعلامي: أحمد صفوت  
نحن نقف على مسافه واحده من الجميع ".. هذه العباره المعتادة التي تسمعها من اغلب مسوؤلى الاعلام عندما يسأل عن مدى الحياديه فى  عمله الاعلامى ، ولكن يبقى السؤال.. كيف تقف على مسافه واحدة من الجميع وانت بشر لك اهواء شخصيه ومعتقدات فكرية .. تحب وتكره وتنبذ وترفض وتعشق فهل انت اله ؟!! بالطبع لا انت بشر لديك من الحسابات والصفات الفطرية مايفقدك صفة الحياديه المطلقة.
ان الحيادية المطلقة مشتقة من صفة العدل .. والعدل الكامل هو الله  وحده سبحانه .. ومن هنا نتسائل .. "يعنى ايه اعلام محايد؟!".. هل هذا المصطلح حقيقي وموجود فى الحياه .. و كيف يكون محايد والمتحكم فيه نفس بشريه لها تركيبة فى غاية التعقيد مابين مشاعر حب وكراهية وضغينه وحسد وحقد ، ومصالح شخصية قد تصل الى حد التحكم فى استمراريه المؤسسة الاعلاميه نفسها.
هل العاملين فى الاعلام ملائكه ؟!.. بالطبع لا فهم بشر لهم مزايا وعيوب وخطايا وحسنات .. ولكن اعتقد انه يوجد مايسمى بالاعلام الموجه .. مع اختلاف الاهداف والقناعات القائمه عليها المؤسسة الاعلاميه نفسها سواء كانت متخصصة في الاعلام المرئي او المقروء او المسموع .. ولكن من يتحكم فى هذه التوجهات ؟ مما لاشك فيه ان المتحكم هو الممول او صاحب المال ونظرا لانه صاحب مال فمن المؤكد انه له مصالح شخصيه تقوم على اساسها مؤسسته الاعلامية.
ولنعود لنفس السؤال ولكن بشكل مختلف .. كيف نحصل على اعلام محايد .. فى الحقيقه ان هذا الامر شغلنى فتره كبيرة حتى توصلت الى حل ازعم انه يتناسب مع البعض وهو ان يختار كل مشاهد الاعلام الذى يتكيف مع اهوائه الشخصية ووقتها سيراه محايدا من وجهة نظره لانه ببساطه شديده سينتصر لوجهة نظره الشخصيه سواء بالنقد او الايجاب للمواقف والمتغيرات الحياتيه ..ومن ثم ستتحول المواقف الشخصية الى مواقف اعلامية منها من يدعمها أومن ينقدها ويرفضها.
وسيظهر هذا التناقض عندما تجد شاشة تلفاز في مقهى كبير يعرض لقناه معينه فتجد من يمدح القناه ويتجاوب مع آرائها ومن من يرفضها دون النظر لمن على كان على خطأ ومن كان على صواب، حيث سيجتهد البعض في ايجاد وجهات نظره المحايدة من جانبه هو فقط!!.
وفى هذا الزحام ستختفى الحقيقة شيئا فشى حتى تندثر وتنقرض وننساها ونعود من جديد نبحث عن اعلام محايد لنتعلق به وفى الحقيقه لايوجد ما يسمى بالإعلام المحايد اذا فنحن نبحث عن سراب ونترك واقعنا المرير فى ايد اصحاب التنظير والمصالح الشخصيه .. الامن رحم ربى !.
واخيرا ان أردت إعلاما محايدا فابحث عن ملائكة لتديره وتقدمه لك وليس بشر لديهم فطرتهم بخيرها وشرها، ذلك أننا مازلنا نقبع ونعيش في درك الدنيا ولم نرتق بعد إلى عليين الجنة ونعيمهاَ! . فمن لايخطى وكيف تاتى المحايده الكامله مع اخطاء ابن ادم الذم فطره الله عليها ولكن الاخطاء بقدر ونسب وليس كل خطاء يساوى الاخر .. انها مسالة ضمير ونشاه  اسريه ينبع من تكوينها كل خير او شر ولم تاتى فى يوم وليله فاذا  كان الاساس ضعيف وغشوش فتوق فى ايه لحظه ان تهوى بك الى مصير غير معلوم وان كان اساس سليم ومحكم فانت فى امان الله ولن يصيبك مكروه على الاطلاق .
 وليعلم الجميع ان الكلمة قد لا تدمر فرد أو اسره فحسب بل قد تدمر عالما باكمله والعكس صحيح فلا تستهين بكلمة تنطقها سواء كانت مكتوبة على ورقة أو مسموعة على موجة إذاعية أو مشاهدة على شاشة تلفاز ؛ وذلك لاان الامر بات اخطر مما نتصور جميعاً.. والحياد درجات مثل الخطيئه ولكن الكارثه فى من افتقد الحياديه تماما ويترك نفسه مثل الريشة الضعيفة التي تحركها رياح الأهواء كيفما تشاء !!
منقول من مجلة الإذاعة والتليفزيون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق